ملالي جويا، جريدة الشبيبة، 12/4/2009
إنه استمرار لجريمة حرب ضد شعب بلادي واستمرار لمعاناته.
بعد شهور من الانتظار، أوشك الرئيس أوباما أن يعلن عن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة تجاه أفغانستان. قد يكون خطابه طال انتظاره، ولكن لا يتوقع سوى قليلون أن خطابه سيكون مفاجأة: يبدو واضحا أنه سيعلن عن تصعيد كبير للحرب. وبفعل ذلك سيكون قد فعل شيئا أسوأ من مجرد خطأ. إنه استمرار لجريمة حرب ضد شعب بلادي واستمرار لمعاناته.
كنت قد قلت من قبل إنه بوضع لوردات الحرب وتجار المخدرات في مواقع السلطة في كابول تكون الولايات المتحدة والناتو قد أخرجونا من الرمضاء ليلقوا بنا في النار. والآن يقوم أوباما بصب الزيت على ألسنة اللهب، وسيكون لإعلان هذا الأسبوع بتعزيز القوات في أفغانستان عواقب وخيمة.
لقد عايننا في وقت سابق من هذا العام تأثير الزيادة في عدد القوات التي تحتل أفغانستان: مزيد من العنف، ومزيد من القتلى المدنيين. إن مواطنيَ، فقراء أفغانستان، الذين لم يعرفوا سوى الحرب وهيمنة الأصولية، ينحصرون الآن بين شقي الرحى: القوات المحتلة من الناتو والولايات المتحدة من جهة، ولوردات الحرب وطالبان من جهة أخرى.
وفي حين أننا نريد انسحاب أحد العدوين، فنحن لا نعتقد أن الأمر أمر اختيار بين شرين. ولكن هناك بديل: الأحزاب ذات العقلية الديمقراطية والمفكرون هم أملنا للمستقبل في أفغانستان.
لن يكون الأمر سهلا، ولكن لو أن لدينا قدرا ضئيلا من السلام سنكون قادرين بشكل أفضل على محاربة أعدائنا الداخليين – فالأفغان يعرفون ماذا يفعلون في مصيرهم. نحن لسنا شعبا متخلفا، بل نحن قادرون على القتال من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان والمرأة في أفغانستان. في الحقيقة، الطريقة الوحيدة التي يمكن بها تحقيق هذه القيم هي أن نناضل من أجلها ونكتسبها بأنفسنا.
بعد ثماني سنوات من الحرب، أصبح الوضع بنفس القدر من السوء كما كان في أي وقت سابق بالنسبة للأفغان التقليديين، والنساء منهم بصفة خاصة. والواقع هو أنه لم ينتفع سوى تجار المخدارت ولوردات الحرب في ظل هذا النظام الفاسد غير الشرعي لحكومة كرزاي. إن وعود كرزاي بالإصلاح تثير الضحك. فنائبه هو لورد الحرب الشهير فيهم، الذي يصفه بارد أدامز من منظمة هيومان رايتس ووتش بأنه “أحد أردأ لوردات الحرب سمعة في أفغانستان، ومازال دم كثير من الأفغان يلطخ يديه.”
أصدرت منظمة الشفافية الدولية تقارير تقول إن هذا النظام هو ثاني أكثر الأنظمة فسادا في العالم. كما تقول تقارير برنامج التنمية بالأمم المتحدة إن أفغانستان تحتل المرتبة قبل الأخيرة – رقم 181 من 182 – من حيث التنمية البشرية. وهذا هو سبب أننا لم نعد نريد هذا النوع من المساعدة من الغرب.
ومثل كثيرين غيري حول العالم، فإنني أتعجب أي نوع من جوائز “السلام” يمكن منحه لرئيس يواصل احتلال العراق وأفغانستان، ويبدأ حرب جديدة في باكستان، وكل ذلك يتم في نفس الوقت الذي يدعم فيه إسرائيل؟
خلال جولتي الأخيرة في الولايات المتحدة أتيحت لي الفرصة لمقابلة عدد من أسر العسكريين وقدماء المحاربين الذين يعملون لوضع نهاية للحروب في العراق وأفغانستان. يفهم هؤلاء أن الأمر ليس أمر “حرب سيئة” و”حرب جيدة” – ليس هناك فرق، فالحرب هي الحرب.
كان هناك أعضاء من منظمة “محاربين قدامى في العراق ضد الحرب” يصحبونني غالبا للقاء أعضاء من الكونجرس في واشنطن. ومعا حاولنا توضيح الثمن الإنساني المرعب لهذه الحرب، من حيث أرواح الأفغان والأمريكيين وقوات الناتو. ولكن لسوء الحظ، لم يعرض دعمه لنضالنا من أجل السلام سوى عدد قليل من الممثلين.
وفي حين أن الحكومة لم تكن متجاوبة، فقد عرض الشعب الأمريكي عليَّ مساعدته. وتؤكد استطلاعات الرأي أن الجماهير الأمركيية تريد السلام، وليس تصعيد الحرب. ويريد كثير منهم من أوباما أيضا جلب بوش وإدارته للمحاسبة على جرائم الحرب. وفي كل مكان كنت أتحدث فيه، كان الناس يتجاوبون معي بقوة عندما أقول إن أوباما لو كان يريد السلام حقا سيحاول قبل كل شيء محاكمة بوش أمام محكمة الجنايات الدولية. كما أن تغيير رجل بوش في البنتاجون، روبرت جيتس، سيكون بداية جيدة – ولكن لا يختار القيام بذلك.
ولسوء الحظ، تقتفي حكومة بريطانيا بشكل مخزٍ خطى الولايات المتحدة في أفغانستان. ورغم أن استطلاعات الرأي تظهر أن أكثر من 70% من السكان يعارضون الحرب، فقد أعلن جوردن براون نشر مزيد من القوات البريطانية. إنه لأم مؤسف أن المزيد من أموال دافعي الضرائب ستفقد على هذه الحرب، في الوقت الذي مازال فيه فقراء بريطانيا يعانون من نقص الخدمات الرئيسية.
وقد حاولت حكومة بريطانيا أيضا إسكات المعارضة، على سبيل المثال عن طريق اعتقال جو جلينتون، الجندي البريطاني الذي رفض العودة إلى أفغانستان. وقد أتيحت لي فرصة اللقاء بجلينتون عندما كنت في لندن الصيف الماضي، وأعلنا معا معارضتنا للحرب. وكانت رسالتي له هي أنه في زمن الظلم العيظيم يكون دخول السجن أحيانا أفضل من أن يكون المرء جزءا من اقتراف جرائم الحرب.
عندما واجه جلينتون خيارا صعبا اتخذ قرارا شجاعا، في حين اختار أوباما وبراون اتباع نهج إدارة بوش. فبدلا من الأمل والتغيير، لا يقدم أوباما في السياسة الخارجية إلا نفس ما قدمه بوش. ولكني مازلت يحدوني الأمل، لأن الشعب الأفغاني، كما علمنا تاريخنا، لن يرضى أبدا بالاحتلال.